منتدىS&T

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدىS&T

منتدى عام متنوع


    أين نحن من صيام السلف؟!

    الحاجS&T
    الحاجS&T
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    عدد المساهمات : 3104
    تاريخ التسجيل : 07/10/2009
    الموقع : S@T

    أين نحن من صيام السلف؟! Empty أين نحن من صيام السلف؟!

    مُساهمة من طرف الحاجS&T الخميس 19 يوليو 2012, 7:04 pm


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
    أما بعد..

    فالسلف الصالح مع عبادة الصوم أحوال جليلة، ومقامات نبيلة، تدل على إدراكهم أهمية هذه العبادة في تهذيب النفوس، وتطهير القلوب، وتربية الإرادة، وكبح جماح الأهواء، والتخلص من أدران الشهوات، وصولاً إلى مقام التقوى الذي هو من أعلى مقامات العبودية، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. كابدوا – في صيامهم – الجوع والظمأ، وفارقوا النعيم والشبع، يحدوهم قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10].

    اختاروا فرحة الآخرة على فرحة الدنيا، فازوا بالفرحتين معًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه» [رواه مسلم].
    آثروا الواحد الديان، فأدخلهم الله الجنة من باب الريان فإذا دخل آخرهم أغلق، فلا يدخل منه أحد غيرهم.

    فيا من تريد النجاة والفوز يوم القيامة! هذه أخبار صالحي أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فليكن لها أثر في حياتك، وليكن هؤلاء قدوتك في سيرك وسفرك إلى ربك، والدار الآخرة والله الموفق.

    كثرة صيام السلف

    كان أبو بكر -رضي الله عنه- كثير الصيام، ففي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أصبح منكم اليوم صائماً؟» قال أبو بكر: أنا.
    *وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: ما مات عمر حتى سرد الصوم. [صحيح مسند الفاروق: 1/285].

    وكانت عائشة رضي الله عنها تسرد الصوم.

    وطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- حفصة بنت عمر، فلما جاء تجلببت فقال: «قال لي جبريل عليه السلام: راجع حفصة، فإنها صوامة قوامة، وإنها زوجتك في الجنة» [رواه الحاكم وقال الألباني: يرتقي إلى درجة الحسن في السلسلة الصحيحة برقم: 5/17].

    وقال نافع: "ماتت حفصة حتى ما تفطر".

    وقال أنس -رضي الله عنه-: "كان أبو طلحة لا يصوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر".

    وقال الذهبي: "كان قد سرد الصوم بعد النبي صلى الله عليه وسلم".

    وعن ابن أبي مليكة قال: "كان ابن الزبير يواصل سبعة أيام، ويصبح يوم السابع وهو أليثنا".

    وقالت عنه أمه أسماء بنت أبي بكر: "قوام الليل، صوام النهار، وكان يسمى حمام المسجد".

    ورآه ابن عمر مصلوبًا قال له: "السلام عليكم أبا خبيب! أما والله لقد كنت صوامًا قوامًا وصولاً للرحم".

    وقال حنش بن الحارث: "رأيت الأسود بن يزيد قد ذهبت إحدى عينيه من الصوم".

    الغنيمة الباردة

    قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: "ألا أدلكم على غنيمة باردة؟"، قالوا: "ما هي؟"، قال: "الصوم في الشتاء".

    الحرص على سلامة العبادة

    كان أبو هريرة وأصحابه إذا صاموا قعدوا في المسجد وقالوا: "نطهر صيامنا".
    فأين الذين يقعدون أمام القنوات أو في مجالس الغيبة والمنكرات من هؤلاء؟!

    نصيحة أبي ذر

    كان أبو ذر -رضي الله عنه- يقول: "يا أيها الناس! إني لكم ناصح، وإني عليكم شفيق؛ صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور، وصوموا في الدنيا لحر يوم النشور، وتصدقوا مخافة يوم عسير، وروي مثل ذلك عن أبي الدرداء رضي الله عنه".

    لماذا يبكون؟

    عن قتادة أن عامر بن قيس لما حضره الموت جعل يبكي. فقيل له: "ما يبكيك؟!"، قال: "ما أبكي جزعًا من الموت: ولا حرصًا على الدنيا، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر، وعلى قيام الليل في الشتاء".

    وبكى عامر بن عبد الله عند الموت، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: "هذا الموت غاية الساعين، وإنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما أبكي جزعًا من الموت، ولكني أبكي على حر النهار وبرد الليل -يريد الصيام والقيام- وإني أستعين الله على مصرعي هذا بين يديه".

    وبكى أحد السلف بكاء شديدًا عند الموت، فقيل له في ذلك فقال: "ما أبكي إلا على أن يصوم الصائمون لله ولست فيهم، ويصلي المصلون ولست فيهم، ويذكره الذاكرون ولست فيهم، فذلك الذي أبكاني..".

    هذا -أخي الحبيب- ما يبكيهم، فماذا يبكينا نحن؟!

    لم تعذب هذا الجسد؟!

    كان الأسود يصوم في السفر حتى يتغير لونه من العطش في اليوم الحار.
    وقال له علقمة يومًا: "لم تعذب هذا الجسد؟!"،
    فقال: "إنما أريد به الراحة"، يقصد الراحة التامة يوم القيامة. فقد قيل: من أراد الراحة ترك الراحة.

    صيام ابن سيرين

    عن ابن شوذب قال: "كان ابن سيرين يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكان اليوم الذي يفطر فيه يتغدى، فلا يتعشى، ثم يتسحر، ويصبح صائمًا".

    إخفاء الصيام

    عن إبراهيم بن أدهم أنه كان إذا دعي إلى طعام أكل وقد كان صائماً، ولا يقول: إني صائم.

    وصام داود بن أبي هند أربعين سنة، لا يعلم به أهله، وكان خرازًا؛ يحمل معه غذاءه من عندهم، فيتصدق به في الطريق، ويرجع عشيًا فيفطر معهم.

    *وعن زائدة بن قدامة قال: "صام منصور بن المعتمر أربعين سنة، قام ليلها، وصام نهارها، وكان في الليل يبكي"، فتقول له أمه: "قتلت قتيلا"؟ فيقول: "أنا اعلم بما صنعت بنفسي، وإذا أصبح كحل عينيه، ودهن رأسه، وبرق شفتيه، وخرج إلى الناس".

    فأين هؤلاء ممن إذا صام يومًا، ود أن لو يعلم أهل الأرض جميعًا أنه صائم ! نسأل الله الإخلاص في القول والعمل.

    أفضل صيام

    عن عون بن عبد الله بن عتبة قال: "أفضل الصيام، الصيام من أربع: من المطعم، والمأثم، والمحرم، وأن تفطر على صدقة".

    وكان عبد الله بن عون يصوم يومًا ويفطر يومًا، وكذلك كان إبراهيم النخعي يفعل.


    تفاضل الناس في الصلاة والصيام

    عن شفي بن ماتع الأصبحي قال: "إن الرجلين ليكونان في الصلاة مناكبهما جميعًا، ولما بينهما كما بين السماء والأرض. وإنهما ليكونان في بيت؛ صيامهما واحد، ولما بين صيامهما، كما بين السماء والأرض".

    والهفاه!
    عن أشعث بن سوار قال: "دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد الحر، فقال: يا أشعث! على الماء البارد في يوم الظمأ. ثم قال: والهفاه! سبقني العابدون وقطع بي"، وكان قد صام اثنتين وأربعين سنة!

    درس من معاذ بن جبل

    عن عمرو بن قيس أن معاذ بن جبل رضي الله عنه لما طعن، فجعلت سكرات الموت تغشاه، ثم يفيق الإفاقة فيقول: "وعزتك! إنك لتعلم أن قلبي يحب لقاءك. اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لمكابدة الساعات، وظمأ الهواجر، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر".

    يموت صائمًا

    عن يزيد بن عبد ربه قال: "عدت مع خالي علي ابن مسلم -أبا بكر بن أبي مريم- وهو في النزع، فقلت له: "رحمك الله، لو جرعت جرعة ماء؟ فقال بيده: لا. ثم جاء الليل، فقال: أذن؟ فقلت: نعم، فقطرنا في فمه قطرة ماء، ثم غمضناه، فمات رحمه الله".

    أحوال رعاة السلف

    *عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنه خرج في بعض نواحي المدينة هو وأصحاب له، فوضعوا سفرة لهم، فمر بهم راع. فقال له عبد الله: "هلم! فقال: "إني صائم"، فقال: "أفي مثل هذا اليوم الصائف، الحار، وأنت في هذا الشعب؟"، قال: "إني والله أبادر الأيام الخالية".

    وعن روح بن زنباع أنه نزل منزلاً فقرب غذاءه، فإذا راعٍ. فقال له: "هلم! قال: إني صائم. قال روح: في هذا اليوم الحار؟ قال: أفأدع أيامي تذهب باطلاً؟ فقال روح: لقد ضننت بأيامك يا راعي إذا جاد بها روح بن زنباع".

    أخي الحبيب!

    هذا حال رعاتهم فكيف بهم؟ هذا فقه عوامهم فكيف بعلمائهم؟!

    إن الخيل لا تجري وهي بدن:

    عن عطية بن قيس أنا ناسًا من أهل دمشق أتوا أبا مسلم الخولاني -وكان غازيًا بأرض الروم- فوجدوه قد احتفر في فسطاطه حفرة، ووضع في الحفرة نطعًا، وأفرغ فيه الماء، فهو يظل فيه وهو صائم.

    فقال له النفر: "ما يحملك على الصيام وأنت مسافر، وقد رخص الله تعالى لك في الفطر في السفر والغزو"؟

    فقال: "لو حضر قتال لأفطرت وتقويت للقتال، إن الخيل لا تجري الغايات وهي بدن، إنما تجري وهي ضمر، إن بين أيدينا أيامًا لها نعمل".

    السلف وحكمة الصيام

    سُئِل بعض السلف: "لم شرع الصيام؟ قال: ليذوق الغني طعم الجوع، فلا ينسى الجائع".

    إيثار السلف

    قال ابن رجب: "وكان كثير من السلف يواسون من إفطارهم، أو يؤثرون به ويطوون".

    وكان ابن عمر يصوم ولا يفطر إلا مع المساكين، فإذا منعه أهله عنهم لم يتعش تلك الليلة.

    واشتهى بعض الصالحين من السلف طعامًا وهو صائم، فوضع بين يديه عند فطوره، فسمع، سائلاً يقول: من يقرض الملي الوفي الغني؟ فقال: عبده المعدم من الحسنات، فقام، فأخذ الصحفة، فخرج بها إليه، وبات طاوياً.

    وجاء سائل إلى الإمام أحمد، فدفع إليه رغيفين كان يعدهما لفطره، ثم طوى وأصبح صائماً.

    وكان الحسن يطعم إخوانه وهو صائم تطوعًا، ويجلس يروحهم وهم يأكلون.

    وكان ابن المبارك يطعم إخوانه في السفر الألوان من الحلوى وغيرها وهو صائم.

    فسلام الله على تلك الأرواح، ورحمة الله على تلك الأشباح، لم يبق منهم إلا أخبار وآثار، كم بين من يمنع الحق الواجب عليه وبين أهل الإيثار!!



      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء 14 مايو 2024, 9:07 pm