"المصريون حين يتعرضون للظلم الفادح لا مفر أمامهم من الثورة على الحاكم الظالم حتى لو جعل من نفسه إلها، فلا تشفع هذه القداسة الوهمية إذا ما ظلم العباد، وأكل حقوق المصريين"، تلك مقولة أثبتتها كتب التاريخ، وإذا بحثنا عبر طيات الزمن سنكتشف أن الشعب المصرى قام ضد حكامه بـ 13 ثورة كبرى، أسبابها جميعا ترجع إلى سوء الأحوال الاقتصادية والاجتماعية، وارتفاع الأسعار، والشعور بالظلم.
فيثور الشعب المصرى رافضا الخضوع، ليؤكد أنه أبدا لن يكون شعبا خانعا، وثورات المصريين ليست وليدة 25 يناير 2011، وإنما اندلعت من قبل التاريخ.
◄ثورة بيبى الثانى2278 ق. م
"بيبى الثانى نفر كا رع"، وهو فرعون من السلالة السادسة فى المملكة المصرية القديمة، وظل فى الحكم لمدة 91 عاما، حكم مصر وعمره 6 سنوات، مما أدى إلى استقلال الحكام بالأقاليم واستبدوا بالأهالى، وفرضوا الضرائب الجائرة ونهبوا الأقوات وأهملوا أى إصلاحات للأراضى.
وعانى المواطنون الجوع، وعجزوا عن دفن موتاهم حتى أصبحوا يلقون بالجثث فى النيل، وخرج شاب يدعى "أنبوم"، ليدعو الجميع إلى تنظيم ثورة ضد الظلم الذى يعانونه، فاستجاب الناس له وقاموا بثورة لإزاحة بيبى عن عرش البلاد، ليأتوا بـ"مرنرع الثاني" ملكا لهم.
◄ثورة 1155 ق.م ضد الملك رمسيس الثالث:
فى عام 1155 قبل الميلاد تظاهر المئات من عمال الملك رمسيس الثالث ضده كما هتفوا بسقوطه، وكانت هتافاتهم هى "نحن جوعى نحن جوعى"، ووقعت أحداثها فى غرب مدينة الأقصر.
وكان من أهم أسبابها عدم صرف مرتبات ومقررات العمال لمدة طويلة وصلت إلى 18 يوما، وكانت المرتبات على شكل بذور تعطى للعمال فى يوم 28 من نهاية كل شهر، وادى ازدياد عدد العمال فى فترة حكم رمسيس الثالث؛ إلى تقليل المقررات التى تصرف للعمال، وظهور حالات للفساد حكومى.
نجحت الثورة فى الإطاحة برمسيس الثالث، وجاءت بـ"رمسيس الرابع" خلفا له.
◄ثورة 1795 م ضد آخر المماليك:
فى يوليو ١٧٩٥ خرج المصريون يتظاهرون فى الشوارع ضد طغيان الأمير إبراهيم بك شيخ البلد وحليفه الأمير مراد بك، كبير أمراء المماليك اللذين كانا يعدان الحاكمين الفعليين للبلاد، وضد تعديهم على الأوقاف، وضد زيادات الضرائب والجبايات التى فرضاها على المصريين.
ونجحت الانتفاضة فى إرغام الأميرين الكبيرين على التوقيع على حجة شرعية يتعهدان فيها بالاستجابة للمطالب الشعبية وبعدم فرض ضرائب جديدة أو اتخاذ إجراءات تمس بالأوقاف وجرايات المشايخ والطلاب والصوفية دون الرجوع لكبار المشايخ باعتبارهم ممثلين للناس.
◄ثورة عرابى 1881م :
ظهرت بوادر الثورة فى فبراير 1881 إثر سجن أحمد عرابى، وعبد العال حلمى، وعلى فهمى وقد قام الجيش بها أولا لتنفيذ مطالبه وهى عزل وزير الحربية عثمان رفقى، والذى ظلم الضباط المصريين، ونتج عنها، موافقة الخديوى وهو مرغم على عزل عثمان رفقى وتعيين محمود سامى البارودى بدلا منه.
ورفض عرابى الانصياع للخديو بعد موقفه المخزى، وعقدت الجمعية الوطنية الممثلة من أعيان البلاد وأمرائها وعلمائها للنظر فى الموقف المتردى وما يجب عمله، فاجتمعت الجمعية فى يوليو 1882م، وأجمعوا على استمرار الاستعدادات الحربية، وكان رد فعل الخديوعلى هذا القرار هو عزل و عرابى من منصبه ونفيه خارج مصر.
◄ثورة 1919 م:
بانتهاء الحرب العالمية الأولى انتظر المصريون أن تفى بريطانيا بوعودها وأن تمنح مصر الاستقلال بعد دعمها فى الحرب، إلا أن هذا الوعد لم يتحقق ، لتبدأ ثورة 1919 فى صورة سلسلة من الاحتجاجات الشعبية على السياسة البريطانية فى مصر بقيادة الوفد المصرى الذى كان يرأسه سعد زغلول.
وحصل سعد زغلول على توكيلات من المواطنين للتحدث باسمهم فى مؤتمر الصلح بلندن ، وردت إنجلترا بنفيه إلى مالطا لتندلع الثورة، وتبدأ الأحداث بتنظيم إضراب طلابى فى مدرسة الحقوق.
وخرج الشعب فى مظاهرات غضب استمرت من 9 مارس إلى 14 إبريل وانتشرت فى معظم أنحاء البلاد، حتى صدر تصريح 1922 بإلغاء الحماية البريطانية.
◄ثورة 23 يوليو 1952م:
قام بها ضباط الجيش المصرى ضد الحكم الملكى فى 23 يوليو 1952، فبعد حرب 1948 وضياع فلسطين ظهر تنظيم الضباط الأحرار فى الجيش المصرى بزعامة جمال عبدالناصر ، ونجحوا فى السيطرة على المرافق الحيوية فى البلاد وأذيع البيان الأول للثورة بصوت أنور السادات وأجبرت الثورة الملك فاروق على التنازل عن العرش لولى عهده الأمير أحمد فؤاد ومغادرة البلاد فى 26 يوليو 1952.
◄ثورة يناير 1977م "انتفاضة الخبز":
انتفاضة ومظاهرات جرت فى أيام 18 و19 يناير 1977 فى عدة مدن مصرية احتجاجا على رفع أسعار العديد من السلع الغذائية، عقب إعلان نائب رئيس الوزراء للشئون المالية والاقتصادية رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية وهو ما أدى إلى رفع أسعار الخبز والسكر والشاى والأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى من السلع المهمة فى حياة المواطن البسيط.
وقتها تم إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول من السادسة مساء حتى السادسة صباحا، وتم الزج بالآلاف فى السجون المصرية بتهم المشاركة بأحداث الشغب أو الانتماء لتنظيم شيوعى لإخماد الانتفاضة.
◄ثورة 25 يناير 2011 م :
جاءت الدعوة لثورة 25 يناير 2011، احتجاجا على الأوضاع المعيشية والسياسية والاقتصادية السيئة وما شهده عصر مبارك من فساد ، وغياب العدالة الاجتماعية ومحاولات توريث الحكم لابنه جمال وانفراد الحزب الحاكم بالسلطة وتزويره انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
نتج عن الثورة تنحى مبارك، عن الحكم فى 11 فبراير 2011.
◄ثورة 30 يونيو 2013 م:
مع مرور عشرة أشهر على حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، تأسست حركة تمرد فى 26 إبريل 2013، ونجحت فى جمع 22 مليون توقيع لسحب الثقة منه، بعد الغضب الشعبى ضده بسبب محاولات أخونة الدولة وما شهدته فترة حكمه من تزايد تدهور الأحوال المعيشية , ودعت حركة تمرد الموقعين للتظاهر يوم 30 يونيو للمطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة ، إلا أن مرسى تجاهل ورفض إجراء الانتخابات واصفا هذه المطالب العبثية.
وفى 3 يوليو، عقب اجتماع لقادة القوات المسلحة مع قوى سياسية ودينية وشبابية، أذاع التليفزيون الرسمى بيانًا ألقاه وزير الدفاع عبد الفتاح السيسى، ليتم عزل مرسى ، وعرض خارطة طريق سياسية للبلاد اتفق عليها المجتمعون، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا حتى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وتشكيل لجنة من التيارات السياسية وخبراء الدستور لمراجعة دستور 2012.
