منتدىS&T

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدىS&T

منتدى عام متنوع


    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم 3

    الحاجS&T
    الحاجS&T
    مدير المنتدى
    مدير المنتدى


    عدد المساهمات : 3104
    تاريخ التسجيل : 07/10/2009
    الموقع : S@T

    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم 3 Empty رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم 3

    مُساهمة من طرف الحاجS&T الأربعاء 27 نوفمبر 2013, 11:41 am


    رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم 3 %D8%B1%D8%AC%D8%A7%D9%84-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%88%D9%842
    الصحابى الذى ارسله نبى الله محمد الى كسرى ملك الفرس وقيصر عظيم الروم؟


    لقد كان فى وسع التاريخ ان يمر بهذا الرجل كما مر بملايين العرب قبله دون ان يأبه بهم او يخطروا له على بال لكن الاسلام اتاح لعبد الله بن حذافه السهمى ان يلقى سيدي الدنيا فى زمانه : كسرى الفرس وقيصر عظيم الروم، وان تكون له مع كل منهما قصه ما تزال تعيها ذاكرة الدهر ويرويها لسان التاريخ.
    اما قصته مع كسرى ملك الفرس فكانت فى السنه السادسه للهجره حين عزم النبى ان يبعث طائفة من اصحابه برسائل الى ملوك الاعاجم يدعوهم فيها الى الاسلام.
    ولقد كان الرسول يقدر خطورة هذة المهمه فهؤلاء الرسل سيذهبون الى بلاد نائية لا عهد لهم بها من قبل وهم يجهلون لغات تلك البلاد ولا يعرفون شيئا عن ملوكها، ثم انهم سيدعون هؤلاء الملوك الى ترك اديانهم ومفارقة عزهم وسلطانهم والدخول فى دين قوم كانوا الى الامس القريب من بعض اتباعهم.
    لذلك جمع النبى اصحابه وقام فيهم خطيبا فحمد الله واثنى عليه وتشهد ثم قال “اما بعد، فإنى أريد ان ابعث بعضكم الى ملوك الاعاجم، فلا تختلفوا على كما اختلفت بنو اسرائيل على عيسى بن مريم”. فقال اصحاب النبى: نحن يا رسول الله نؤدى عنك ما تريد فابعثنا حيث شئت.
    وانتدب النبى سته من اصحابه ليحملوا الرسائل الى ملوك الدنيا، وكان احد هؤلاء السته عبد الله بن حذافه السهمى، فقد اختير لحمل رساله النبى الى كسرى ملك الفرس.
    جهز عبد الله راحلته ومضى الى وجهته وحيدا ليس معه الا الله حتى بلغ ارض الفرس فاستأذن فى الدخول على ملكها واخطر حجابه بالرساله التى يحملها له، فأمر كسرى بأن يُزين ايوانه (قاعه العرش) وان يُدعى عظماء فارس لحضور مجلسه فحضروا ثم اذن لعبد الله بالدخول عليه فدخل عليه رافعا راسه مزهوا باسلامه فما ان رآه كسرى حتى امر احد رجاله بأن يأخذ الرساله منه فقال عبد الله : لا .. انما امرنى رسول الله ان ادفعها لك يدا بيد.
    فقال كسرى لرجاله : اتركوه يدنو منى فدنا من كسرى وناوله الرساله، ثم دعا كسرى رجلا يعرف العربية وامره ان يقرأ عليه نص الرساله فإذا فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله الى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى ..”
    فما ان استمع كسرى الى ذلك حتى غضب غضبا شديدا لأن النبي بدأ بنفسه فجذب الرساله ومزقها دون ان يكمل قراتها وهو يصيح “ايكتب لى بهذا وهو عبدى” ثم امر بعبد الله بن حذافة ان يخرج من مجلسه فخرج وعاد الى النبى وقص عليه ما حدث فما زاد النبى عن قوله “مزق الله ملكه”. اما كسرى فقد مزق الله ملكه بعد ان قتله ابنه “شيرويه” ليستولى على الحكم.
    أما قصته مع قيصر الروم فكانت فى زمن خلافه عمر بن الخطاب فى السنه التاسعة عشره من الهجره حين بعث عمر بن الخطاب بجيش الى بلاد الروم فيه عبد الله بن حذافه، وكان قيصر قد تناهت الى مسامعه اخبار قدوم جيش المسلمين وما يتحلون به من صدق الايمان وقوة القتال فأمر رجاله ان هم وقع فى ايديهم اسير من المسلمين ان يبقوا علية حيا ولا يقتلوه .. وشاء الله ان يقع عبد الله بن حذافه فى ايديهم اسيرا فحملوه الى ملكهم وقالوا له: ان هذا من اصحاب محمد السابقين الى دينه قد اتيناك به.
    ونظر قيصر الروم الى بن حذافة وقال: انى عارض عليك امرا
    قال: ماهو ؟
    فقال: اعرض عليك ان تتنصر .. فإن فعلت خليت اسرك واكرمتك.
    فقال عبد الله: هيهات .. ان الموت احب الى الف مره مما تدعونى عليه.
    فقال قيصر: إنى لأراك رجلا شهما .. فإن اجبتنى الى ما ادعوك اليه اشركتك فى ملكى وقاسمتك سلطانى.
    فتبسم بن حذافه المقيد بالسلاسل وقال: والله لو اعطيتنى جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على ان ارجع عن دين محمد ما فعلت.
    قال: اذن اقتلك.
    قال: انت وما تريد.
    فأمر قيصر بأن يصلب عبد الله وان يرمى بالسهام قريبا من جسده لإرهابه لعله يستجيب دون فائده، عند اذن أمر قيصر بقدر عظيم وصب فيها الزيت واوقد عليها النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من اسارى المسلمين فأمر بإحداهما ان يلقى فى الزيت فإذا بجسده يذوب فى لحظات امام عيون بن حذافه الدامعه ثم التفت قيصر إلى بن حذافه وكرر عليه طلبه فإذا به أصلب مما سبق فى الرفض، فلما يئس منه امر به ان يلقى فى القدر التى القى فيها صاحبه فلما اخذوه اليها دمعت عيناه فقال رجال القيصر لملكهم: انه يبكى فظن قيصر انه خاف من الموت فأمر أن يؤتى به فلما مثل بين يديه كرر عليه طلبه فرفض..
    فقال : ويحك ، فما الذى ابكاك اذن ؟
    قال : ابكانى انى كنت اشتهى ان يكون لى بعدد شعر جسدى انفس فتلقى كلها فى هذا القدر فىسبيل الله.
    فلما رأى قيصر انه لا حيلة مع هذا الرجل قال له: هل لك ان تقبل رأسى على ان اخلى عنك.
    فقال عبد الله: وعن كل اسرى المسلمين.
    فأجابه قيصر الى ما طلب وقبل بن حذافه رأسه وعاد الى المدينه ومعه كل اسرى المسلمين ودخل على عمر بن الخطاب فى المسجد وحوله المسلمون وقص عليهم ما حدث فقام عمر بن الخطاب وأقترب منه وقال: حق على كل مسلم تقبيل رأس بن حذافه وانا ابدأ بذلك .. ثم قبل رأسه وتبعه المسلمون

    “سيد المسلمين”؟

    أُبي بن كعب بن قيس بن عُبيد النجّار – أبو منذر – الأنصاري الخزرجي كان قبل الإسلام حَبْراً من أحْبار اليهود، مطلعاً على الكتب القديمة ولمّا أسلم كان من كتاب الوحي. شهد العقبـة و بدرا وبقية المشاهـد وجمع القرآن في حياة الرسـول -صلى الله عليه وسلم- وكان رأساً في العلم وبلغ في المسلمين الأوائل منزلة رفيعة، حتى قال عنه عمر بن الخطاب ( أبي سيد المسلمين ). كان أبي بن كعب في مقدمة الذين يكتبون الوحي ويكتبون الرسائل، وكان في حفظ القرآن وترتيله وفهم أياته من المتفوقين قال له رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ( يا أبي بن كعب، اني أمرت أن أعرض عليك القرآن ). وأبي يعلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إنما يتلقى أوامره من الوحي هنالك سأل الرسول الكريم في نشوة غامرة: (يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، الله سمانى لك؟ ). فأجاب الرسول – صلى الله عليه وسلم-: ( نعم، الله سماك لى )… كما قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: ( أقـرأ أمتي أبَيّ). سأله النبي – صلى الله عليه وسلم- يوما: ( يا أبا المنذر، أي أية من كتاب الله أعظم؟ )… فأجاب قائلا: ( الله ورسوله أعلم ). وأعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- سؤاله: ( يا أبا المنذر، أي أية من كتاب الله أعظم؟ )… وأجاب أبي: ( الله لا اله الا هو الحي القيوم ). فضرب الرسول – صلى الله عليه وسلم – صدره بيده، وقال له والغبطة تتألق على محياه: ( ليُهْنِكَ العلم أبا منذر )… وعن أبي بن كعب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلّى بالناس، فترك آية فقال: ( أيُّكم أخذ عليّ شيئاً من قراءتي؟ ). فقال أبيُّ: ( أنا يا رسول الله، تركتَ آية كذا وكذا )… فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( قد علمتُ إنْ كان أحدٌ أخذها عليّ فإنّكَ أنت هو). وقال أبي بن كعب لعمر بن الخطاب: ( يا أمير المؤمنين إني تلقيتُ القرآن ممن تلقّاه من جبريل وهو رطب)… وعن جُندب بن عبد الله البجلي قال: أتيت المد ينة ابتغاء العلم، فدخلت مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإذا الناس فيه حَلَقٌ يتحدّثون، فجعلت أمضـي الحَلَقَ حتى أتيتُ حلقـةً فيها رجل شاحبٌ عليه ثوبان كأنّما قـدم من سفر. فسمعته يقول: (هلك أصحاب العُقـدة ورب الكعبـة، ولا آسى عليهم )… أحسبه قال مراراً… فجلست إليه فتحدّث بما قُضيَ له ثم قام، فسألت عنه بعدما قام قلت: (من هذا؟). قالوا: (هذا سيد المسلمين أبي بن كعب)… فتبعته حتى أتى منزله، فإذا هو رثُّ المنزل رثُّ الهيئة، فإذا هو رجل زاهد منقطعٌ يشبه أمره بعضه بعضاً… قال أبي بن كعب: ( يا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك في صلاتي؟ ). قال: ( ما شئت، وإن زدت فهو خيرٌ )… قال: ( الرُّبـع؟ )… .. قال: ( ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ )… قال: ( أجعلُ النصـف؟ قال: ( ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ )… قال: ( الثلثيـن؟ )… .. قال: ( ما شئـت، وإن زدت فهو خيرٌ )… قال: ( اجعـل لك صلاتي كلّها؟ )… قال: ( إذاً تُكفـى همَّك ويُغفَر ذنبُك ). وبعد انتقال الرسول – صلى الله عليه وسلم- الى الرفيق الأعلى، ظل أبي على عهده في عبادته وقوة د ينه، وكان دوما يُذكر المسلمين بأيام الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويقول: ( لقد كنا مع الرسول – صلى الله عليه وسلم- ووجوهنا واحدة، فلما فارقنا اختلفت وجوهنا يمينا وشمالا ). وعن الدنيا يتحدث ويقول: ( ان طعام ابن آدم، قد ضرب للدنيا مثلا، فان ملحه وقذحه فانظر الى ماذا يصير؟ ). وحين اتسعت الدولة الإسلامية ورأى المسلمين يجاملون ولاتهم، أرسل كلماته المنذرة:(هلكوا ورب الكعبة، هلكوا وأهلكوا، أما اني لا آسى عليهم، ولكن آسى على من يهلكون من المسلمين)… وكان أكثر ما يخشاه هو أن يأتي على المسلمين يوما يصير بأس أبنائهم بينهم شديد. شهد أبـي بن كعـب مع عمـر بن الخطاب وقعة الجابيـة، وقد خطـب عمـر بالجابية فقال: ( أيها الناس من كان يريـد أن يسأل عن القرآن فليأتِ أبـيَّ بن كعـب)… عن ابن عباس – رضي الله عنه- قال: قال عمر بن الخطاب: ( اخرجوا بنا إلى أرض قومنا ). قال: فخرجنا فكنت أنا وأبي بن كعب في مؤخَّر الناس، فهاجت سحابة، فقال أبيُّ: ( اللهم اصرف عنّا أذاها )… فلحقناهم وقد ابتلّت رحالهم. فقال عمر: ( أمَا أصابكم الذي أصابنا؟ )… قلت: ( إن أبا المنذر دعا الله عزّ وجلّ أن يصرف عنّا أذاها )… فقال عمر: ( ألا دعوتُمْ لنا معكم؟!)… قال رجلٌ لأبي بن كعب: ( أوصني يا أبا المنذر)… قال: ( لا تعترض فيما لا يعنيك، واعتزل عدوَّك، واحترس من صد يقك ولا تغبطنَّ حيّاً إلا بما تغبطه به ميتاً، ولا تطلب حاجةً إلى مَنْ لا يُبالي ألا يقضيها لك)… عن عبـد اللـه بن أبي نُصير قال: عُدْنا أبي بن كعـب في مرضه، فسمع المنادي بالأذان فقال: ( الإقامة هذه أو الأذان؟ )… قلنا: (الإقامـة)… فقال: ( ما تنتظرون؟ ألا تنهضون إلى الصلاة؟ )… فقلنا: (ما بنا إلا مكانك)… قال: ( فلا تفعلوا قوموا، إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صلى بنا صلاة الفجر، فلمّا سلّم أقبل على القوم بوجهه فقال: ( أشاهدٌ فلان؟ أشاهدٌ فلان؟ ). حتى دعا بثلاثة كلهم في منازلهم لم يحضروا الصلاة فقال: ( إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حَبْواً، واعلم أنّ صلاتك مع رجلٍ أفضل من صلاتك وحدك، وإن صلاتك مع رجلين أفضل من صلاتك مع رجل، وما أكثرتم فهو أحب إلى الله، وإن الصفّ المقدم على مثل صف الملائكة، ولو يعلمون فضيلته لابتدروه، ألا وإن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الرجل وحدَه أربعاً وعشرين أو خمساً وعشرين). قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: (ما مِنْ شيءٍ يصيب المؤمن في جسده إلا كفَّر الله عنه به من الذنوب)… فقال أبي بن كعب: ( اللهم إنّي أسألك أن لا تزال الحُمّى مُضارِعةً لجسدِ أبيٌ بن كعب حتى يلقاك، لا يمنعه من صيام ولا صلاة ولا حجّ ولا عُمرة ولا جهاد في سبيلك ). فارتكبته الحمى فلما تفارقه حتى مات، وكان في ذلك يشهد الصلوات ويصوم ويحج ويعتمر ويغزو… توفـي – رضي اللـه عنه- سنة (30هـ)، يقول عُتيّ السعـديّ: قدمت المدينة في يـوم ريحٍ وغُبْـرةٍ، وإذا الناس يموج بعضهم في بعـض. فقلت: ( ما لي أرى الناس يموج بعضهم في بعض؟ )… فقالـوا: ( أما أنـت من أهل هذا البلـد؟ )… قلت: (لا)… قالوا: (مات اليـوم سيد المسلمين، أبيّ بن كعب).[/size]

    “عتبه بن غزوان”؟


    عتبة بن غزوان – غدا ترون الأمراء من بعدي من بين المسلمين السابقين، والمهاجرين الأولين الى الحبشة، فالمدينة.. ومن بين الرماة الأفذاذ الذين أبلوا في سبيل الله بلاء حسنا، هذا الرجل الفارع الطول، المشرق الوجه، المخبت القلب عتبة بن غزوان… كان سابع سبعة سبقوا الى الاسلام، وبيطوا أيمانهم الى يمين الرسول صلى الله عليه وسلم، مبايعين ومتحدّين قريش بكل ما معها من بأس وقدرة على الانتقام.. وفي الأيام الأولى للدعوة. أيام العسرة والهول، صمد عتبة بن غزوان، مع اخوانه ذلك الصمود الجليل الذي صار فيما بعد زادا للضمير الانساني يتغذى به وينمو على مر الأزمان.. ولما أمر رسول الله عليه الصلاة والسلام أصحابه بالهجرة الى الحبشة، خرج عتبة مع المهاجرين.. بيد أن شوقه الى النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعه يستقر هناك، فسرعان ما طوى البرّ والبحر عائدا الى مكة، حيث لبث فيها بجوار الرسول حتى جاء ميقات الهجرة الى المدينة، فهاجر عتبة مع المسلمين.. ومنذ بدأت قريش تحرشاتها فحروبها، وعتبة حامل رماحه ونباله، يرمي بها في أستاذية خارقة، ويسهم مع اخوانه المؤمنين في هدم العالم القديم بكل أوثانه وبهتانه.. ولم يضع سلاحه يوم رحل عنهم الرسول الكريم الى الرفيق الأعلى، بل ظل يضرب في الأرض، وكان له مع جيوش الفرس جهاد عظيم.. أرسله أمير المؤمنين عمر الى الأبلّة ليفتحها، وليطهر أرضها من الفرس الذين كانوا يتخذونها نقطة وثوب خطرة على قوات الاسلام الزاحفة عبر بلاد الامبراطورية الفارسية، تستخلص منها بلاد الله وعباده.. وقال له عمر وهو يودّعه وجيشه: ” انطلق أنت ومن معك، حتى تأتوا أقصى بلاد العرب، وأدنى بلاد العجم.. وسر على بركة الله ويمنه.. وادع الى الله من أجابك. ومن أبى، فالجزية.. والا فالسيف في غير هوادة.. كابد العدو، واتق الله ربك”.. ومضى عتبة على رأس جيشه الذي لم يكن كبيرا، حتى قدم الأبلّة.. وكان الفرس يحشدون بها جيشا من أقوى جيوشهم.. ونظم عتبة قواته، ووقف في مقدمتها، حاملا رمحه بيده التي لم يعرف الناس لها زلة منذ عرفت الرمي..!! وصاح في جنده: ” الله أكبر، صدق وعده”.. وكأنه كان يقرأ غيبا قريبا، فما هي الا جولات ميمونة استسلمت بعدها الأبلّة وطهرت أرضها من جنود الفرس، وتحرر أهلها من طغيان طالما أصلاهم سعيرا.. وصدق الله العظيم وعده..!! احتطّ عتبة مكان الأبلّة مدينة البصرة، وعمّرها وبنى مسجدها العظيم.. وأراد أن يغادر البلاد عائدا الى المدينة، هاربا من الامارة، لكن أمير المؤمنين أمره بالبقاء.. ولبث عتبة مكانه يصلي بالناس، ويفقههم في دينهم، ويحكم بينهم بالعدل، ويضرب لهم أروع المثل في الزهد والورع والبساطة… ووقف يحارب الترف والسرف بكل قواه حتى ضجره الذين كانوا تستهويهم المناعم والشهوات.. هنالك وقف عتبة فيهم خطيبا فقال: ” والله، لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة ومالنا طعام الا ورق الشجر حتى قرحت أشداقنا.. ولقد رزقت يوما بردة، فشققتها نصفين، أعطيت نصفها سعد بن مالك، ولبست نصفها الآخر”.. كان عتبة يخاف الدنيا على دينه أشد الخوف، وكان يخافها على المسلمين، فراح يحملهم على القناعة والشظف. وحاول الكثيرون أن يحوّلوه عن نهجه، ويثيروا في نفسه الشعور بالامارة، وبما للامارة من حق، لا سيما في تلك البلاد التي لم تتعود من قبل أمراء من هذا اطراز المتقشف الزاهد، والتي تعود أهلها احترام المظاهر المتعالية المزهوّة.. فكان عتبة يجيبهم قائلا: ” اني أعوذ بالله أن أكون في دنياكم عظيما، وعند الله صغيرا”..! ولما رأى الضيق على وجوه الناس بسبب صرامته في حملهم على الجادّة والقناعة قال لهم: ” غدا ترون الأمراء من بعدي”.. وجاء موسم الحج، فاستخلف على البصرة أحد اخوانه وخرج حاجا. ولما قضى حجه، سافر الى المدينة، وهناك سأل أمير المؤمنين أن يعفيه الامارة.. لكن عمر لم يكن يفرّط في هذا الطراز الجليل من الزاهدين الهاربين مما يسيل له لعاب البشر جميعا. وكان يقول لهم: تضعون أماناتكم فوق عنقي.. ثم تتركوني وحدي..؟ لا والله لا أعفكيم أبدا..!! وهكذا قال لـ عتبة بن غزوان.. ولما لم يكن في وسع عتبة الا الطاعة، فقد استقبل راحلته ليركبها راجعا الى البصرة. لكنه قبل أن يعلو ظهرها، استقبل القبلة، ورفع كفّيه الضارعتين الى السماء ودعا ربه عز وجل ألا يردّه الى البصرة، ولا الى الامارة أبدا.. واستجيب دعاؤه.. فبينما هو في طريقه الى ولايته أدركه الموت.. وفاضت روحه الى بارئها، مغتبطة بما بذلت وأعطت.. وبما زهدت وعفت.. وبما أتم الله عليها من نعمة.. وبما هيأ لها من ثواب…
    [/size]
    “أبا يحيا”؟

    ولد في أحضان النعيم.. فقد كان أبوه حاكم الأبلّة ووليا عليها لكسرى.. وكان من العرب الذين نزحوا الى العراق قبل الاسلام بعهد طويل، وفي قصره القائم على شاطئ الفرات، مما يلي الجزيرة والموصل، عاش الطفل ناعما سعيدا.. وذات يوم تعرضت البلاد لهجوم الروم.. وأسر المغيرون أعدادا كثيرة وسبوا ذلك الغلام ” صهيب بن سنان”.. ويقتنصه تجار الرقيق، وينتهي طوافه الى مكة، حيث بيع لعبد الله بن جدعان، بعد أن قضى طفولته وشبابه في بلاد الروم، حتى أخذ لسانهم ولهجتهم. ويعجب سيده بذكائه ونشاطه واخلاصه، فيعتقه ويحرره، ويهيء له فرصة الاتجار معه. وذات يوم.. ولندع صديقه عمار بن ياسر يحدثنا عن ذلك اليوم: ” لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيها.. فقلت له: ماذا تريد..؟ فأجابني وما تريد أنت..؟ قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول. قال: وأنا اريد ذلك.. فدخلنا على الرسول صلى الله عليه وسلم، فعرض علينا الاسلام فأسلمنا. ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا.. ثم خرجنا ونحن مستخفيان”.!! عرف صهيب طريقه اذن الى دار الأرقم.. عرف طريقه الى الهدى والنور، وأيضا الى التضحية الشاقة والفداء العظيم.. فعبور الباب الخشبي الذي كان يفصل داخل دار الأرقم عن خارجها لم يكن يعني مجرّد تخطي عتبة.. بل كان يعني تخطي حدود عالم بأسره..! عالم قديم بكل ما يمثله من دين وخلق، ونظام وحياة.. وتخطي عتبة دار الأرقم، التي لم يكن عرضها ليزيد عن قدم واحدة كان يعني في حقيقة الأمر وواقعه عبور خضمّ من الأهوال، واسع، وعريض.. واقتحام تلك العتبة، كان ايذانا بعهد زاخر بالمسؤليات الجسام..! وبالنسبة للفقراء، والغرباء، والرقيق، كان اقتحام عقبة دار الأرقم يعني تضحية تفوق كل مألوف من طاقات البشر. وان صاحبنا صهيبا لرجل غريب.. وصديقه الذي لقيه على باب الدار، عمّار بن ياسر رجل فقير.. فما بالهما يستقبلان الهول ويشمّران سواعدهما لملاقاته..؟؟ انه نداء الايمان الذي لا يقاوم.. وانها شمائل محمد عليه الصلاة والسلام، الذي يملؤ عبيرها أفئدة الأبرار هدى وحبا.. وانها روعة الجديد المشرق. تبهر عقولا سئمت عفونة القديم، وضلاله وافلاسه.. وانها قبل هذا كله رحمة الله يصيب بها من يشاء.. وهداه يهدي اليه من ينيب… أخذ صهيب مكانه في قافلة المؤمنين.. وأخذ مكانا فسيحا وعاليا بين صفوف المضطهدين والمعذبين..!! ومكانا عاليا كذلك بين صفوف الباذلين والمفتدين.. وانه ليتحدث صادقا عن ولائه العظيم لمسؤولياته كمسلم بايع الرسول، وسار تحت راية الاسلام فيقول: ” لم يشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهدا قط الا كنت حاضره.. ولم يبايع بيعة قط الا كنت حاضرها.. ولا يسر سرية قط. الا كنت حاضرها.. ولا غزا غزاة قط، أوّل الزمان وآخره، الا منت فيها عن يمينه ، شماله.. وما خاف المسلمون أمامهم قط، الا كنت أمامهم.. ولا خافوا وراءهم الا كنت وراءهم.. وما جعلت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبين االعدوّ أبدا حتى لقي ربه”..!! هذه صورة باهرة، لايمان فذ وولاء عظيم.. ولقد كان صهيب رضي الله عنه وعن اخوانه أجمعين، أهلا لهذا الايمان المتفوق من أول يوم استقبل فيه نور الله، ووضع يمينه في يكين الرسول.. يومئذ أخذت علاقاته بالناس، وبالدنيا، بل وبنفسه، طابعا جديدا. يومئذ. امتشق نفسا صلبة، زاهدة متفانية. وراح يستقبل بها الأحداث فيطوّعها. والأهوال فيروّعها. ولقد مضى يواجه تبعاته في اقدام وجسور. فلا يتخلف عن مشهد ولا عن خطر.. منصرفا ولعه وشغفه عن الغنائم الى المغارم.. وعن شهوة الحياة، الى عشق الخطر وحب الموت.. ولقد افتتح أيام نضاله النبيل وولائه الجليل بيوم هجرته، ففي ذلك اليوم تخلى عن كل ثروته وجميع ذهبه الذي أفاءته عليه تجارته الرابحة خلال سنوات كثيرة قضاها في مكة.. تخلى عن كل هذه الثروة وهي كل ما يملك في لحظة لم يشب جلالها تردد ولا نكوص. فعندما همّ الرسول بالهجرة، علم صهيب بها، وكان المفروض أن يكون ثالث ثلاثة، هم الرسول.. وأبو بكر.. وصهيب.. بيد أن القرشيين كانوا قد بيتوا أمرهم لمنع هجرة الرسول.. ووقع صهيب في بعض فخاخهم، فعوّق عن الهجرة بعض الوقت بينما كان الرسول وصاحبه قد اتخذا سبيلهما على بركة الله.. وحاورصهيب وداور، حتى استطاع أن يفلت من شانئيه، وامتطى ظهر ناقته، وانطلق بها الصحراء وثبا.. بيد أن قريشا أرسلت في أثره قناصتها فأدركه . ولم يكد صهيب يراهم ويواجههم من قريب حتى صاح فيهم قائلا: ” يا معشر قريش.. لقد علمتم أني من أرماكم رجلا.. وأيم الله لا تصلون اليّ حتى ارمي كبل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا ان شئتم.. وان شئتم دللتكم على مالي، وتتركوني وشاني”.. ولقد استاموا لأنفسهم، وقبلوا أن يأخذوا ماله قائلين له: أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك وبمالك..؟؟ فدلهم على المكان الذي خبأ فيه ثروته، وتركوه وشأنه، وقفلوا الى مكة راجعين.. والعجب أنهم صدقوا قوله في غير شك، وفي غير حذر، فلم يسألوه بيّنة.. بل ولم يستحلفوه على صدقه..!! وهذا موقف يضفي على صهيب كثيرا من العظمة يستحقها كونه صادق وأمين..!! واستأنف صهيب هجرته وحيدا سعيدا، حتى أردك الرسول صلى الله عليه وسلم في قباء.. كان الرسول جالسا وحوله بعض أصحابه حين أهل عليهم صهيب ولم يكد يراه الرسول حتى ناداه متهلاا: ” ربح البيع أبا يحيى..!! ربح البيع أبا يحيى..!! وآنزلت الآية الكريمة: ( ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله، والله رؤوف بالعباد).. أجل لقد اشترى صهيب نفسه المؤمنة ابتغاء مرضات الله بكل ثروته التي أنفق شبابه في جمعها، ولم يحس قط أنه المغبون.. فمال المال، وما الذهب وما الدنيا كلها، اذا بقي له ايمانه، واذا بقيت لضميره سيادته.. ولمصيره ارادته..؟؟ كان الرسول يحبه كثيرا.. وكان صهيب الى جانب ورعه وتقواه، خفيف الروح، حاضر النكتة.. رآه الرسول يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد.. فقال له الرسول ضاحكا:” أتأكل الرطب وفي عينيك رمد”..؟ فأجاب قائلا:” وأي بأس..؟ اني آكله بعيني الآخرى”..!! وكان جوّادا معطاء.. ينفق كل عطائه من بيت المال في سبيل الله، يعين محتاجا.. يغيث مكروبا..” ويطعم الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا”. حتى لقد أثار سخاؤه المفرط انتباه عمر فقال له: أراك تطعم كثيرا حتى انك لتسرف..؟ فأجابه صهيب لقد سمعت رسول الله يقول: ” خياركم من أطعم الطعام”. ولئن كانت حياة صهيب مترعة بالمزايا والعظائم، فإن اختيار عمر بن الخطاب اياه ليؤم المسلمين في الصلاة مزية تملأ حياته ألفة وعظمة.. فعندما اعتدي على أمير المؤمنين وهو يصلي بالمسلمين صلاة الفجر.. وعندما احس نهاية الأجل، فراح يلقي على اصحابه وصيته وكلماته الأخيرة قال: ” وليصلّ بالناس صهيب”.. لقد اختار عمر يومئذ ستة من الصحابة، ووكل اليهم أمر الخليفة الجديد.. وخليفة المسلمين هو الذي يؤمهم في الصلاة، ففي الأيام الشاغرة بين وفاة أمير المؤمنين، واختيار الخليفة الجديد، من يؤم المسلمين في الصلاة..؟ ان عمروخاصة في تلك اللحظات التي تأخذ فيها روحه الطاهرة طريقها الى الله ليستأني ألف مرة قبل أن يختار.. فاذا اختار، فلا أحد هناك أوفر حظا ممن يقع عليه الاختيار.. ولقد اختار عمر صهيبا.. اختاره ليكون إمام المسلمين في الصلاة حتى ينهض الخليفة الجديد.. بأعباء مهمته.. اختاره وهو يعلم أن في لسانه عجمة، فكان هذا الاختيار من تمام نعمة الله على عبده الصالح صهيب بن سنان..

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين 29 أبريل 2024, 6:01 pm